Iraq: the Human Cost

المستنقع العراقي

منذ غزو العراق وأسقاط نظام صدام في عام 2003 ، ارتكبت الولايات المتحدة سلسلة من الأخطاء
الجسيمة ، كحل الجيش العراقي النظامي ،وفصل جميع منتسبي حزب البعث من كافة مناصبهم  الحكومية على كافة الأصعدة وترك الحدود والمباني الحكومية بدون أية حماية. لم يتم التخطيط أو التنظيم للأستراتيجة الأميركية بشكل جيد. كل هذا أدى الى خلق مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية معقدة خلال السنتين الاوليتين  من الأحتلال لأنها خلقت مجتمع عراقي واسع بدون أية موارد معيشية. وهذا قاد كثير من العراقيين الى أتخاذ  او تبني عدة طرق يائسة منها الأنضمام الى الجماعات المسلحة.

 أن فضيحة  سجن أبو غريب التي تفجرت في عام 2004، أعطت العراقيين سببا لفقد الثقة في الجيش الأميركي. بينما كان رجال ونساء وأطفال ينتظرون في صفوف طويلة أملين اطلاق سراح ذويهم،  كانت ملامح الارهاق والمعاناة بادية على وجوههم. في النهاية، بعضهم غادروا الطوابير مع ذويهم وأحبائهم لكن أكثرهم لم يفلحوا.

 

أن الادارة العسكرية الأميركية والحكومة العراقية لم تحاولا قط الوصول الى حل دبلوماسي حقيقي
للمشكلات التي واجهت البلد. كان من المفروض ان لا تكون الدبلوماسية راديكالية لكنها كانت كذلك عند هؤلاء المسؤولين. فالتنسيق السيء وعدم الثقة المتبادلة بين الحكومة العراقية وقوات الأئتلاف وكذلك مغالطة المعلومات من كلا الجانبين زاد من معدل فقدان العراقيين أيمانهم بالحكومة. عندما كانت   القوات الأميركية تشن غارات ضد الميليشيات في المناطق الشيعية والسنية مخلفة نسبة كبيرة من الضحايا المدنيين الأبرياء كاتت  تجعل الأمور أكثر سوءا، مع أزدياد التوتر والخوف والشك. كما أن ممارسات القوات الأميركية في أحتجاز المعتقلين في الغارات عند الفجر وأعتقال المدنيين بدون أبلاغ عائلاتهم  خلق اضطرابا حول فيما اذا كان الذين يقومون بالغارات هي قوات اميركية ام عصابات أجرامية  منظمة متنكرة بزي قوات حكومية او انها ميليشيات. مثل هذه الغارات جعلت الناس يتفكرون ما الذي  يجب ان يفعلوه لحماية انفسهم وعائلاتهم مما دفع كثيرين الى ابتياع سلاح البندقية المعروفه ب الكلاشينكوف بالاضافة الى اسلحة اخرى. وهكذا بدأ العديد من العراقيين بأعتراض أي غارة عليهم . فما دام الجيش الأميركي لا يميز بين العراقيين المسالمين والمسلحين، فلماذا يجب على العراقيين العاديين أن يحاولوا التمييز بين الغارات المبررة وغير المبررة؟ الموضوع لايستحق المجازفة. وهكذا  فشلت الحكومة العراقية في تأمين الحماية الضرورية لمواطنيها، بالرغم من كل الخطط الأمنية التي تم الأعلان عنها مسبقا وفقد العديد من المواطنين العراقيين الثقة التامة بقدرة الأميركان في تحسين الوضع الأمني، بسبب  الخداع وعدم الأهلية والأفعال غير المشروعة على يد القوات الأميركية والحكومة العراقية مع  العداء المتزايد ونزيف الدم والدمار.

 

بدأ الخوف بين العراقيين  يتزايد أكثر مما كان خلال نظام صدام حسين. الآن على العراقيين أن

 يخافوا الذهاب الى العمل، من أرسال أطفالهم الى المدارس، تأمين المعيشة الهانئة لأنفسهم أو حتى أن يكونوا أمنين في منازلهم. لقد أحاط الخطر بحياة العراقيين من كل ناحية ، وتركهم في حالة من اليأس وجل تفكيرهم ينصب  في الخطوات المقبلة التي يجب أن يتخذوها  لكي يكونوا على قيد الحياة. في خضم كل هذه الفوضى ونزيف الدم ،

بدأ العراقيين الحنين الى أيام نظام صدام الدموي لكنه حكم نظامي. تفاقم الأحساس بين العراقيين بأن دماءهم رخيصة ولا أحد يهتم لهم.كما ان الحكومة العراقية  والقوات المتعددة الجنسيات أخفقتا عدة مرات في الكشف عن الرقم الحقيقي لخسائر المدنيين المتسببة عن عملياتهم  . عوضا عن ذلك، فقد حاولوا ابقاء الرقم منخفضا بشكل مصطنع. أدركت الحكومة العراقية موقفها
المحرج، خصوصا بعد ازدياد عدد الخسائر بين المدنيين التي صرحت بها وزارة الصحة العراقية.
في اواخر 2005 أصدرت الحكومة العراقية أوامر بتحويل أرقام الخسائر البشرية من وزارة الصحة
الى مكتب رئيس الوزراء مباشرة ومنعوا أطلاق هذه الأرقام للعلن أو للصحافة.

 

أن أنهيار الخدمات الأساسية والبطالة الواسعة المتفشية أدت بالعراقيين اليائسين الى الأنضمام
للمجموعات المسلحة او عصابات الجريمة المنظمة. وهذه المجموعات تميل الى أن تكون متداخلة
مع بعض المسؤولين في الأحزاب السياسية أو في الحكومة مستغلين مبدأ الحصانة لكي يحصلوا
على أكبر قدر من النفوذ  والاموال تحت غطاء الحكومة. كان هناك ايضا الجمع بين الدين والدولة،
والذي تسبب بعدة مشكلات بسبب رغبة رجال الدين في التأثير على المواطنين بطريقة تخدم مصالحهم نحو القوة والنفوذ.لم تكن هناك ثقة متبادلة بين الأحزاب السياسية والمسؤولين في الحكومة.

كان تقرير بيكر- هاملتون محاولة لتصحيح الوضع في العراق والاعتراف بفشل الولايات المتحدة في
الحفاظ على أمن وسلامة المنطقة. لكن أدارة بوش تجاهلت التقرير وعوضا عن ذلك ، أعلنت الأدارة خطتها في ارسال قوات أضافية. أن العراقيين يتساءلون أذا كانت الخطة الأمنية
الأخيرة ستبرهن أي نجاح أكثر من الخطط السابقة. لحد الأن هناك الكثير من الخسائر البشرية هي الأسوأ  لمدة طويلة. هناك جدال كبير مازال مستمرا حول اذا ما كانت الخطة العراقية الأميركية
ستنجح هذه المرة أم لا؟ هل هذه فرصة أدارة بوش ورئيس الوزراء العراقي المالكي الأخيرة لتحقيق
النصر؟  هل سيتنحى المالكي ويسلم السلطة الى شخص قد يكون قائدا أفضل للعراق؟ هل سينجح المالكي في رأب الصدع  بين الشيعة والسنة بعد تغيير مساره مع حلفائه من الصدريين وتوحيدهم مع بعض مرة أخرى؟ هل سيتمكن من أقرار الأستقرار في البلد من المسلحين؟ وهل ستتعاون الدول المجاورة بشكل جدي في استقرار العراق أم لا؟

 

لم يخطر ببال العراقيين أنهم سيدفعون ثمنا باهضا من أجل الحرية والديمقراطية خصوصا اذا كانت
القيادة بيد أقوى دولة. الديمقراطية زادت من  التعددية والحريات بين المجتمع العراقي، لكن المعاناة
الآن تفاقمت حتى أن عددا كبيرا من العراقيين يفضلون نظاما مثل نظام صدام في الظروف الحالية
للم شمل البلد.

 

هناك جانبين لهذا الموضوع . الكثير من العراقيين لايرغبون النظر الى النظام السابق لأنه يمثل

الطاغوت بكل أشكاله الرهيبة وبدون خيارات لهم لتحسين مستوى حياتهم أو تغيير في بلدهم. وأخرين يميلون الى الأمان في عهد صدام رغم أنهم يكرهوه. الكثير من العراقيين غير راغبين بالتضحية من أجل سياسيين ومسؤولين فاسدين. يمكن أن تكون التعددية مسألة صحية أذا تمت بشكل تدريجي وفي أحوال طبيعية لكن مايوجد الأن هو مآسي وتقسيم. مايحن اليه العراقيين في الوقت الراهن هو لملمة أشلائهم،  ورفض الطائفية والمحافظة على الوحدة الوطنية على أسس الوطنية.